إتيان الزوجة في الدبر من المحرمات في شريعتنا بل عده العلماء من الكبائر.
النكاح خلق الله تعالى من كلّ شيءٍ أزواجاً، حيث قال الله تعالى: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ
خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)؛[١] وذلك لعمارة الأرض؛ إذ إنّ التزاوج يعدّ أساس التوالد والتكاثر على
الأرض لجميع المخلوقات، إلا أنّ الله تعالى فضّل
الإنسان بالعقل وزيّنه به، وشرع لهم النكاح ضمن حدودٍ معيّنةٍ بيّنها القرآن الكريم وبيّنها الرسول
-صلّى الله عليه وسلّم- في السنّة النبويّة، حيث روى الإمام مسلم في صحيحه أنّ رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشرَ الشبابِ: من استطاع منكم الباءةَ فليتزوجْ؛ فإنّه
أغضُّ للبصرِ، وأحصنُ للفرجِ، ومن لم يستطعْ فعليه بالصومِ؛ فإنّه له
وجاءٌ)،[٢] فبالزواج تطهّر النفوس، ويحافظ المرء على دينه وأخلاقه، كما أنّ جماعةً من أهل العلم
أوجبوا الزواج على القادر؛ لأنّ في ذلك تحقيقاً للعديد من الفوائد والثمار الدينيّة والدنيويّة، إلا
أنّ الشيطان يحاول الصدّ عن الزواج بأساليب عدّةٍ، منها: الترفّع عن الخاطب، أو بتعظيم مهر
المخطوبة، فالرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بيّن الأمور
المشروطة في الخاطب، فقال: (إذا جاءكم مَن تَرضَون دينَه وخُلُقَه فأنكِحوه)،[٣] وبالزواج تتحقّق العديد من
الفوائد، كتحصين الفرج، وغض البصر، وتزكية وتطهير النفوس، وإقامة أوامر الله تعالى التي أمر بها،
وزيادة أعداد المسلمين.[٤] حكم إتيان الزوجة من الدبر إنّ إتيان الزوج لزوجته من دبرها؛ أي
من موضع خروج الغائط، أمرٌ محرّم، كما أنّه يعدّ كبيرةً من كبائر الذنوب، ودليل ذلك
قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ملعونٌ مَنْ أَتَى امرأةً في دُبُرِها)،[٥]
فالرسول لعن الزوج الذي يأتي زوجته من دبرها، وورد في روايةٍ أخرى أنّ الرسول -صلّى
الله عليه وسلّم- قال: (مَن أتى حائضًا أو إمرأة في دُبرِها، أو كاهنًا: فقد كفرَ
بما أنزلَ علىّ محمَّدٍ)،[٦] وقد يكون قيام الزوجين بذلك الفعل رغبةً من الزوج به، أو
قد يكون دون رضا الزوجة ورغماً عنها، وقد يصل الأمر بالزوج إلى أن يهدد زوجته
بالطلاق إن لم تطعه فيما يريد، أو يقوم الزوج بإقناع زوجته بإباحة ذلك الأمر مع
حياء الزوجة من سؤال العلماء عن الحكم الشرعي الخاص بذلك، حيث بيّن الرسول -صلّى الله
عليه وسلّم- أنّ للزوج أن يأتي زوجته من الأمام ومن الخلف من موضع خروج
الولد، ومن الجدير بالذكر أنّ الدبر لا يعد مكان خروج الولد، وإنّما هو مكان خروج
الغائط، والسبب في إتيان الزوجة من الدبر يعود إلى بعض المشاهد التي تعرض في الأفلام
الإباحية المحرّمة، وحكم التحريم له عدة حِكم؛ منها:
المحافظة على النسل، أداء حقّ الزوجة بإتيانها من حيث أمر الله تعالى، كما أنّ موضع
الدبر لم يُجعل لذلك الفعل، إضافةً إلى أنّ الإتيان من الدبر لا يحقّق المقصد ولا
يدخل إليه جميع ماء الرجل المحتقن كما يكون في الفرج، مع الحاجة إلى القيام بحركاتٍ
صعبةٍ جداً مخالفةٍ للطبيعة البشريّة، مع حاجة الرجل إلى استقبال موضع القذارة والقبح بوجهه، وإنّ
في ذلك إزالةً لنعم الله تعالى، وجلباً للنقم، مع انعدام الحياء عند الفاعلين له.[٧]